يشكل الناشر حلقة وصل بين المؤلف والمبدع أيا كان الإبداع من جهة وبين المستخدم أو المتلقي من جهة أخرى. فالناشر هو من يتولى تسويق الإنتاج وترويجه وتوزيعه من خلال شبكات التوزيع ومعارض محلية ودولية. ولقد كان الناشر في الماضي موردا للكتب والمجلات وغيرها من المطبوعات الورقية، ومع التطور التكنولوجي الحالي أصبح موردا للمحتوى حيث لا يقتصر دوره على الكتاب، بل تعداه ليشمل صورا عديدة يقدم بها المحتوى من كتب ورقية وكتب إلكترونية ومحتوى إلكتروني على أقراص الليزر CD وعلى أجهزة المحمول ومن خلال بوابات الشبكة العنكبوتية العالمية ومواقعها. يتطلب هذا التطور الكثير من التغيرات في استراتيجيات دور النشر وأسلوب عملها وإدراج التيكنولوجيا الحديثة في وسائلها وأساليب تسويقها ودعايتها لمنتجاتها. يخضع الكاتب في النشر التقليدي (الورقي) لضوابط محددة سلفا ولمعايير منتقاة بعناية من طرف الناشر، وعليه أن يتحمل التبعات المادية ويتجه إلى دور النشر إن قبلت أن تتبنى ما أنتجه، ولكن مع النشر الإلكتروني ثم تخطي الحواجز وأصبح النشر يتسم ب: ● اللحظية في بعض المواقع – إذ يكفي أن يقرر الكاتب موعد إرسال ما يكتب حتى يكون ماثلا أمام القراء. ● وبالمباشرة إذ لا يحتاج إلى موافقة مسبقة من صاحب الموقع في بعض المواقع أيضا، ويكتفي بأن يكون الكاتب عضوا مسجلا في سجل الموقع باسمه الحقيقي أو باسم مستعار، وأصبح النشر الإلكتروني متاحا للجميع، وذلك دونما اعتبار للشهرة أو الرسوخ في عالم الكتابة والإبداع، إذ يمكن حتى للمبتدئ أن يوصل ما خط أسطره – أو بالأحرى رقن أحرفه على ملمس الحاسوب – إلى الناس . كما يتيح هذا النوع من النشر الاستمرارية للمادة المنشورة فالكتاب الإلكتروني لا تنفذ طبعاته من السوق وهي ميزة لا تتوفر في الكتاب الورقي، ويتيح هذا النوع من النشر، انتشار المادة المنشورة بشكل واسع. ولا شك في أن إتاحة المحتوى الإلكتروني من خلال الأنترنت يعني السرعة الفائقة في النشر وإمكانية الحصول على المحتوى في أي مكان في العالم، وذلك بمجرد نشره على الموقع أو البوابة وبدون وجود أي حواجز مما يتيح فتح أسواق كثيرة يصعب الوصول إليها بالطرق التقليدية. ● ويمكن النشر الإلكتروني القارئ من سهولة البحث في المحتوى الرقمي مع وجود إمكانية الطباعة وأيضا استخدام الوسائط المتعددة حيث يسهل تقديم المحتوى في صورة الكلمات والمصطلحات الغامضة وذلك من خلال "الروابط LIENS" المتصلة بالقوامس والمعاجم. بالرغم من إيجابيات النشر الإلكتروني بحيث أنه "يقدم خدمات متنوعة ومتميزة تقرب الثقافة الأدبية والإنتاجات الإبداعية للجمهور من القراء، فهو في نفس الوقت تلك الوسيلة التي يؤدي سوء استعمالها إلى ظهور ندوب مشوهة. وتسم بعمق وجه المجال الأدبي العربي" . كلفة النشر بواسطة الطباعة مرتفعة، لدى كان معظم الناشرين يعتمدون الدقة في اختيار العناوين القابلة للنشر، خاصة وأن النشر التقليدي يبقى عملا تجاريا يحتاج غالبا إلى رساميل كبيرة نظرا لكلفة الورق. لذلك كانت دور النشر تسعى وراء الكتب الأفضل تجنبا لأي خسارة تجارية ممكنة، بينما كلفة النشر الإلكتروني ليست بالكبيرة، مما قد يؤثر سلبا على جودة ما قد ينشر دون أي رقابة. ومما يؤخذ على الناشر الإلكتروني التعدي على حق الملكية الفكرية، فمما لاشك فيه أن التطور الإيجابي الحاصل في مجال النشر خصوصا سرعة وسهولة الحصول على المعلومات له وجه سلبي، كسهولة التعدي على حقوق المؤلف (القرصنة المعلوماتية) ومع تطور تقنيات النشر الإلكتروني تعقدت مسألة الحماية لأن الأمر لم يعد يقتصر على مجرد التوقيع على عقود كتابية لإصدار الكتب وضمان نشرها ومن بين أهم المشاكل القانونية التي تواجه عملية النشر الإلكتروني: عدم توفر الضمانات القانونية التي تكفل صيانة الحقوق والمصالح خاصة وأن المستخدمين يرون أن من حقهم استغلال المنتجات الفكرية عبر الأنترنت بحرية دون وعي في غالب الأحيان، ولو أخذنا على سبيل المثال القوانين المتعلقة بالملكية الفكرية التي تعد الاعتداء على حقوق المؤلف جريمة يترتب عنها عقوبات، نلاحظ أن الوعي العام للأفراد لم يصل بعد لإدراك خطورة هذه الجريمة. ولتجنب هاته المشاكل وغيرها لجأ الكثير من الناشرين إلى وسائل عدة لحماية ما ينشرون كاستعمال برنامج PDF ، أوإعطاء حق طباعة نسخة ورقية دون حق نسخها إلكترونيا، أو إعطاء كلمات دخول سرية لتسمح بالاستفادة من الخدمة. إضافة إلى هذا استحدث الناشرون ما يصطلح عليه بالتوقيع الرقمي . وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى بعض العقبات التي تواجه النشر الإلكتروني: قلة الثقة بالتجارة الإلكترونية: إن عدم الثقة في التجارة الإلكترونية في عالمنا العربي تبقى المشكلة الأكبر، وذلك بالرغم من سعي بعض البلدان كدولة الإمارات العربية المتحدة وبعض الجمعيات "كجمعية إنماء المعلوماتية القانونية" في لبنان للتوعية المتعلقة بفوائد هذه التجارة، أضف إلى أن مشروع (e-comleb) الممول من الاتحاد الأوربي يسعى إلى وضع اللمسات الأخيرة للإطار العام للتجارة الإلكترونية في لبنان . عقود النشر الإلكتروني: يحاول أصحاب الحقوق بخاصة الناشرين استغلال الأعمال كافة أو معظمها بجميع الوسائل أهمها النشر الإكتروني. لدىيجب على كل من الناشر والمؤلف مراجعة العقود الموقعة منهما سابقا باعتبار أن الأكثرية الساحقة في عقود النشر التقليدية لم تكن تدرج أي بند متعلق باستغلال الحقوق الإلكترونية. وتاليا على الناشر قبل نشر أي عمل إلكتروني، وفي حالة عدم ذكر العقود الموقعة منه أو المراد توقيعها لأي حق لاستغلال الحقوق إلكترونيا، أن يدخل في مباحثات جديدة، مع أصحاب الحقوق لاستحصاله على إذن صريح للنشر الإلكتروني . ويعتمد النشر الإلكتروني المكتبات الإلكترونية وسيلة لعرض ما يراد نشره على الشبكة العالمية.