المسلمون بين الألقاب: لقد كتبت كتيبا عنوانه "تحقيقات في التصوف , والهدف منه أن يعتز المسلم بانتمائه إلى الدين , لا أن أهاجم الصوفية رضي الله تعالى عنهم , كما أردت أن نعتز بتسمية اختارها لنا جدنا الكريم , سيدنا إبراهيم عليه السلام , وبها أخبرالله تعالى في قوله الكريم :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) " , فلماذا نترك هذه التسمية المباركة , ونختا رأسماء أخرى , مثل : صوفي , وإخواني , وسلفي ...؟ وكأننا أمام أحزاب سياسية , مما جعل البعض مثل : henri sanson يعتبروجود علمانية إسلامية , تشبيها لها بالعلمانية الفرنسية الكاثوليكية , وبالعلمانية الأنجليزية البروتيستانتية ...حسب دراسة الأستاذ "محمد ضريف" , التي طبقها على المجتمع الجزائري . وهي علمانية تعطي قداسة للشعب , وتحله محل الدين , وترفع من مستوى الفرد فتجعله متحررا من القيود العائلية , والدينية , وتشركه في اتخاذ القرار, عن طريق التمثيل الانتخابي , كمجتمع مدني حال محل الشريعة السماوية , وإن الأستاذ ضريفا كذلك اعتبرالتنظيمات الإسلامية , فرقا تمثل الإسلام السياسي , وهي تسمية لم يوافقه عليها البعض , لأن الإسلام جامع بين التشريع والتدبير, والتربية على الخلق القويم , البعيد عن العادات القبيحة , والسلوكات المشينة , والمثليات البغيضة ....ولقد أجاد الأستاذ "ضريف" في دراسته للجماعات الإسلامية الجزائرية , والمجتمع الجزائري بصفة عامة , ولعله محق في اعتباره توجه الفرق الإسلامية , سلوكا سياسيا , لأننا إذا أردنا أن نكون إسلاميين حقا , اخترنا التسمية الدينية , وهي : مسلم , فإذا تحزبنا فقلنا هذا صوفي , وهذا سلفي , وهذا إخواني , وهذا شيعي... فإننا نكون قد تسيسنا بتحزبنا هذا . فما دام الهدف واحدا , وهوإرضاء الله تعالى , فعلينا أن نتوحد , وإن من المؤسف أن تجد الفرق الصوفية , ينها ك شيوخها عن مخالطة فقراء الفرقة الأخرى , وكأنك ستجتمع مع عد ومن غيرالفرقة المهتدية.... الفرق بين السلفي وغيره : لا أريد أن أعطي تعاريف دقيقة هنا , ولكن سيتبين لنا الفرق من خلال الدراسة , لأن المفروض أن يكون هدفنا موحدا , كلنا نسيرنحوتطبيق شرع الله تعالى , وهذا هوهدف السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم . فما هو هدف الإخوان والسلفيين والشيعة ؟ هل هوإقامة الخلافة ؟ أم هوإقامة شرع الله تعالى ؟ فإذا كان الأول , فهذا هدف سياسي , لأنه لا يجوز في نظرهم إقامة شرع الله تعالى إلا بإقامة خليفة للمسلمين , وهذا يخالف أمرالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم , الداعي الى طاعة أولي الأمر, ولقد تفلسف الشيعة كثيرا في أوصاف الخليفة , ومهامه , وجعله بعضهم مختارا من الله تعالى مباشرة , وأنه يعلم الغيب , وأنه يعلم اللغات....نعم إن الله تعالى إذا أراد شيئا هيأ أسبابه , أما أنه يقول لنا اختاروا فلانا , فهذا غيروارد , فالقائل به لههدف سياسي , يريد اللعب به برؤوس المغفلين , ليصل الى هدفه . فمن كل دولة أن يحكمها رئيس , أوملك ...حسب طبيعة وميل تلك الدولة , فيقويها اقتصاديا , ويحافظ على أمنها واستقرارها ,ولعل هذا أشار إليه الله تعالى في قوله الكريم "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا , فأصلحوا بينهما..." فقد علم الله تعالى أننا سنكون طوائف , أي دولا وشعوبا ... إذن هل هدف هذه الفرق الإسلامية , هوتطبيق الشرع أم إقامة الخلافة ؟ الحق أن هدف الشيعة أولا , هدف سياسي , استغلالي , سلطوي , تسلطي , لأنهم يسبون المقدسات , ويفعلون المنكرات من أجل بلوغ الهدف السياسي . لايهمهم أن تزول الأمة من أجل أن تكون لهم دولة موسعة , أما السلفيون والإخوان , فمن المفروض أن يكونوا كلهم سلفيين , أي على نهج السلف الصالح , المتوحد وراء حكامه , لتحقيق السلم , والرفاهية , ولإقامة شرع الله تعالى بالطريقة التي يتفق عليها علماء الأمة , مراعين ظروف العمل , وإمكانيات الدولة والأمة...وهذا ما لم يتفق عليه الطرفان , فكل من الإخوان , والسلفيين يريد إقامة الخلافة الإسلامية , ولكنهم يختلفون في الطريقة , فالسلفيون ينتهجون نهج الجماعات الأفغانية , التي لاترى بديلا عن السلاح , حسب بعض الدراسات , فهم يريدون تحقيق الخلافة بالقوة , ودون انتظار نتائج التهييئ , أما الإخوان فهم أقل عنفا في هذا الشأن , فهم يدعون الى إقناع الناس , وتهييئهم الى قبول الفكرة...دون لجوء الى السلاح والتكفير, وربما حدث العكس أحيانا ...على كل حال , فالألقاب ينبغي أن تزول , فلا يبقى الانتماء الى طائفة غيرطائفة المسلمين , ولا ينبغي العمل إلا بما يأمر به إجماع علماء الأمة , المعترف بصلاحهم , وتفوقهم العلمي , حتى لا يكون بعضنا عدوا لبعض وحربا عليه , لأن ذلك يضعف الأمة , ويذهب هيبتها....ولأن السلفي الصالح هوالذي يكون على أخلاق وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام , ولقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم خلقه القرآن , والقرآن يأمرنا بطاعة أولي الأمر, وبالإصلاح بين المؤمنين المتخاصمين , ومن رفض الصلح حاربناه حتى يعود الى المصالحة .... ومن سنن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الأمربطاعة أولي الأمر, ولو تولى علينا أضعف الناس...وقال الله تعالى :"وتعاونوا على البر والتقوى , ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.."وقال تعالى:" يا أيها الناس , إنا خلقناكم من ذكروأنثى , وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم.." ولم يقل تنافروا وتقاتلوا , ولم يقل إن أكرمكم أغناكم وأقواكم , فالتقوى هي معيار التفضيل , ولا تقوى مع الخروج على الحكام ما داموا يصلون , والله تعالى أعلم . عبداللطيف سراج الدين