بعد القرار الذي اتخذه العديد من وزراء البيجيدي، يتساءل العديد من المتتبعين هل الأمر يتعلق بفلسفة جديدة للسلطة أم أنه مجرد "مسرحية" ؟ إذ أن تصرف وزراء البيجيدي الجدد يلفت الانتباه، فوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد مصطفى الخلفي، يفضل الاستمرار في استخدام وسائل النقل العمومية عوض ركوب سيارات الدولة الفارهة في كل صباح، وبدوره، يفضل مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الاستمرار في استخدام سيارته الخاصة، فيما قرر وزراء آخرون من نفس الحزب العيش في شققهم القديمة و سيقدمون في القريب العاجل على التصريح بممتلكاتهم. وكعادته، رئيس الفريق الحكومي، عبد الإله بنكيران، يعطينا مثالا في التواضع حينما أدى صلاة الاستسقاء، يوم الجمعة بمسجد حسان بالرباط، فوق حصيرة عادية وسط عامة الناس...
وبقدر ما تكثر الأفعال التي " تبقى قريبة من الشعب "، بقدر ما يكثرمعها إلهام العديد من الصحف المغربية، فالأحداث المغربية تشيد "بالمواهب الفكاهية " للوزاراء الإسلاميين، في الوقت الذي تنتقد فيه يومية الصباح بشدة "هذه الإجراءات التي لا تمت لإدارة شؤون الدولة بصلة، إلا أنها تكشف عن سلوك جديد في تسويق السياسة". وفي تصريح له، يشير مصطفى الخلفي ليابلادي بأن الأمر يتعلق " بالتواصل المباشر"، وهذه الأفعال ليست سوى " علامات أولية تعكس التغيير القادم ".
اختبار السلطة ...
ويضيف الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهو مقتنع بضرورة "خلق نماذج مستمدة من تاريخنا"، قائلا:" نحن واعون بالتطلعات التي يقتضيها الحكم الرشيد و التسيير المدني...فهذه التطلعات هي أولوية الأولويات بالنسبة للحكومة وليس هذه الأعمال الرمزية".
وربما قد يكون رئيس الحكومة واحدا من بين هذه النماذج التي يقتدي بها العديد من الوزراء الجدد، فهو الشخص الذي يقف عند إشارة المرور أثناء قيادة سيارته وهو الشخص الذي يخالف البروتوكول ليقوم بزيارة الأطفال اليتامى سرا. العديد من الأمثلة الشعبية وليس الشعبوية كما يعتقد البعض والتي يقل لها نظير ،إن دلت على شيء فإنما تدل على " التواضع" ،فهي تستحق أن تسلط عليها الأضواء إلى جانب النمط الجديد الذي يسير عليه بنكيران و رفقائه.
وحسب الخلفي، فهذه ليست سوى بداية المغامرة، "ومع ذلك يجب اتخاذ الحيطة والحذر"، إذ يبقى التحدي الكبير هو الاستمرار على هذا النحو وهذا المنطق دون اللجوء إلى" التهريج "، كل هذا بموازاة مع الاستجابة لتطلعات المغاربة وكذا جعل المملكة نموذجا فيما يتعلق بالحكامة الجيدة، وهذا هو الرهان الذي قد ربحته الدول الاسكندنافية منذ زمين بعيد.
النموذج السويدي