فوز العدالة و التنمية يطرح عدة أسئلة لعل أبرزها: هل أصبحنا نعيش الديمقراطية فعلا وأصبحت صناديق الاقتراع هي الفيصل؟ أم أن فوز العدالة و التنمية جاء نتيجة أمر دبر بليل و لغرض في نفس يعقوب ؟ ففوزه يمكن أن يكون نتيجة لإرادة تبديد الهالة السحرية التي تحيط بالإسلاميين من خلال خلق عراقيل وصعوبات أمام هذا الحزب والدفع به إلى الفشل في تجربته الأولى في الحكم ، ولنا في التاريخ أمثال وعبر وما الأمر ببعيد فمن خلال حكومة التناوب نجح المخزن في الحد من هيمنة الإتحاد الاشتراكي على المشهد السياسي المغربي . ومن يدري فقد يكون فوزه هو احتواء له وبالتالي يصدق عليه المثل الشعبي القائل "نهار حبا طاح فالبير" .
فهل نجح المخزن في إدخال حزب العدالة و التنمية ضمن إطاره الضيق وترك الأخ الأكبر العاق العدل والإحسان خارجه فيصير صحيحا القول المأثور "إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض " ؟ هي أسئلة من باب ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وفقط.
وبترك التخمينات جانبا و العودة إلى ما يجري في الساحة السياسية المغربية فيبدو فعلا أن العراقيل والصعوبات وضعت في طريق بنكيران قبل أن يشكل حكومته ، فقد عمد عاهل البلاد إلى تعيين عدد من السفراء قبل أن ترى الحكومة الجديدة النور ،وعين أيضا فؤاد عالي الهمة مستشارا بالديوان الملكي وهو من أشد خصوم بنكيران،كما أنه كثر القيل والقال عن استقبال الملك لبنكيران بميدلت في لقاء لم يتجاوز الخمس دقائق.
و بالعودة إلى انتخابات 25 من نونبر التي لم تخلف خاسرا أكبر فكل الأحزاب الكبيرة زادت من عدد مقاعدها ،وكانت وزارة الداخلية المشرفة على الانتخابات قد أعلنت أن نسبة المصوتين بلغت 45 بالمائة هده النسبة شككت فيها كل القوى المقاطعة للانتخابات أما فيما يخص التحالف الحكومي فمعظم المغاربة كانوا يأملون في تخليق الحياة السياسية من خلال خلق أقطاب متجانسة ومنسجمة ، إلا أن التحالف الحكومي الجديد يبدو بعيدا كل البعد عن الانسجام ، فالتحالف بين العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية يبدو منسجما لكن ما يفقده هدا الانسجام هو حزب التقدم والاشتراكية اليساري.
فمن يتبادلون الاتهامات بالإلحاد والظلامية البارحة أصبحوا اليوم حلفاء، أم أنه لا مكان للإديلوجيات فالكل في اقتسام الكعكة إخوة مناضلون.