من المرتقب أن تستضيف مدينة مراكش في الفترة مابين 10 و 11 دجنبر المقبل، المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، و في هدا السياق، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في مشروع رأي أصدره اليوم الجمعة بالرباط، بعنوان "الهجرة وسوق العمل"، إلى إرساء نمط حكامة "مبتكر" لجعل الهجرة رافعة حقيقية للتنمية المشتركة والتعاون والتضامن.
وأشار تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي، إلى أن المغرب لم يعد نقطة عبور المهاجرين فحسب، بل أصبح أيضا بلد استقبال واستقرار، حيث ساهم مستوى نمو المملكة وموقعها الجغرافي المتميز داخل القارة الإفريقية بحسب نفس المصدر في استقطاب موجات كثيرة من المهاجرين.
وتشير المعطيات الرسمية التي قدمتها إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة إلى أن نسبة المهاجرين تمثل حوالي 0.3 في المائة من ساكنة المغرب، حيث بلغ عدد الأجانب المقيمين في البلاد 101.200 نسمة سنة 2017.
المصدر نفسه أكد أنه منذ سنة 2013، عرفت السياسة التي ينتهجها المغرب في مجال الهجرة منعطفاً مهماً، بناءً على التوجيهات الملكية للحكومة من أجل بلورة سياسة للهجرة تكون إنسانية في فلسفتها، وشاملة في مضامينها، ومسؤولة في منهجيتها، ومواكبةً للتطورات التي تعرفها هذه الظاهرة، ورائدةً على المستوى الإقليمي.
وبلغت عدد طلبات تسوية الوضعية التي تقدم بها المهاجرون في المغرب في إطار عمليتي تسوية وضعية المهاجرين اللتين تم إطلاقهما في سنة 2014 وفي نهاية 2016 أزيد من 56.000 طلب(يقدر عدد طلبات تسوية الوضعية التي تم قبولها لحد الآن بأزيد من 43.000). وتؤكد التقديرات المتعلقة بالمهاجرين غير النظاميين أو السريين، غير المشمولين بالإحصائيات الرسمية، إلى أن عددهم يبلغ حوالي 20.000 مهاجر مقيم بشكل غير قانوني فوق التراب الوطني.
الهجرة وسوق الشغل
تشير معطيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برسم سنة 2017 أن عدد العمال المهاجرين في المغرب بلغ 26283 شخصا (31.4 في المائة منهم من الإناث و69.6 في المائة من الذكور)، مقابل 24684 شخصا سنة 2016 و23055 شخصا سنة 2015.
ويشتغل أغلب العمال المهاجرين (9578 شخصا) في قطاع الخدمات، يليهم العمال المهاجرون المشتغلون في قطاع التجارة (3779)، ثم في قطاع الصناعة التحويلية (2689)، وقطاع البناء (2410). في المقابل، لا يشتغل في قطاع الفلاحة والحراجة (استغلال الغابات) والصيد سوى354 من العمال المهاجرين.
من جانب آخر أشارت معطيات قدمتها وزارة الشغل والإدماج المهني، إلى أن أغلب العمال المهاجرين المستقرين بالمغرب هم من الأطر العليا، إذ يَشْغَلُ حوالي 1300 منهم منصب مدير عام ومدير، فيما يشغل أزيد من 800 مناصب المسؤولية، يليهم مباشرة المهندسون والأطر والمستشارين والتقنيون والمنشطون.
من جانبها، أحصت مفتشية الشغل برسم سنة 2015، وجود 1667 عاملا مهاجرا يعملون في 426 مقاولة، مبرزة أن 76.12 في المائة منهم هُمْ في وضعية قانونية و21.47 في المائة يوجدون في وضعية غير قانونية. ويشتغل العمال المهاجرون أساساً في المراكز الحضرية : الدار البيضاء-أنفا، وآسفي، والرباط، وطنجة، وفاس-بولمان وأكادير.
توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
أبرز المجلس أن نمط الحكامة المتوخى "يجب أن يستند إلى نهج إنساني ومتماسك يأخذ بعين الاعتبار السياسات الوطنية والتنسيق الإقليمي والمقاربة القارية والشراكة على الصعيد الدولي، فضلا عن الأسباب الجذرية لتدفقات الهجرة
وأضاف المجلس أن هذا النمط يروم أيضا تشجيع إحداث طرق نظامية لتسهيل تنقل الكفاءات من أجل تنمية إفريقيا، مع مكافحة الهجرة القسرية والاتجار وتهريب المهاجرين على طول طرق الهجرة، وأخذ اﻟﺘﺮاﺑﻂ القائم ﺑﻴﻦ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرة وهجرة اﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ في الاعتبار، ومراعاة بعد هجرة اﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرة واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر (اﻟمبرمة ﻣﻊ اﻟﺒﻠﺪان الإفريقية).
وشدد التقرير على أن نمط الحكامة المتوخى يجب أن يقوم أيضا على أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدان الاستقبال والمقصد (ولا سيما تنقل اليد العاملة ونقل المهارات والتكنولوجيا)، وعلى مجالات الاندماج الإقليمي.
وفي هذا الصدد، دعا المجلس، الذي نوه باقتراح إنشاء المرصد الإفريقي للهجرة، المقدم ضمن الأجندة الإفريقية للهجرة، إلى التعجيل بإنشاء هذه البنية التي تهدف إلى إعداد البيانات المتعلقة بتدفقات الهجرة وبناء القدرات الوطنية والإقليمية في مجال جمع بيانات موضوعية وموثوقة، وتعزيز التعاون في هذا المجال على المستويين القاري والدولي.
واعتبر أنه ينبغي إنشاء وحدة لليقظة والوقاية من أجل مراقبة وضعية الهجرة في كل بلد إفريقي وتبادل الخبرات من أجل تعزيز أسلوب حكامة إفريقي لتدبير ظواهر الهجرة.
كما اقترح المجلس توطيد التعاون الدولي ضمانا لحسن تدبير تدفقات الهجرة، وضمان استمرار التمويل لتدبير فعال لإدماج المهاجرين، وتحسين تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء على المستوى الترابي، وتعزيز اندماج المهاجرين في المغرب من خلال العمل اللائق وتحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية.
وأبرزت الوثيقة أيضا ضرورة تعزيز الاندماج الثقافي للمهاجرين، وبلورة دينامية مواتية لتنقل الأشخاص، والنهوض بالعيش المشترك داخل المجتمع عبر تعبئة المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والنهوض بالتشريعات الوطنية لتعزيز التنسيق بين الهيئات التي تعد البيانات والإحصاءات المتعلقة بالهجر.