القائمة

أخبار  

دياسبو #322: أمل هوداف.. مغربية سمح لها الفن التجريدي بالعودة إلى جذورها

بعد مسيرة طويلة في التدريس، قررت الفنانة أمل هوداف وهي مغربية فرنسية، تخصيص كامل وقتها للريشة واللوحة، وباتت تنجذب بشكل خاص نحو الفن التجريدي، الذي يرتقي بالألوان والأشكال ويمنحها طابعا روحانيا، وتؤكد أن الفن هو الذي سمح لها بربط خيوط الوصال مع المغرب.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

ولدت الفنانة المغربية أمل هوداف سنة 1976 بسان لويس في الألزاس بفرنسا، لأب من تارودانت وأم من ولاد سعيد، هاجرا إلى فرنسا بحثا عن توفير حياة كريمة لأبنائهما.

تلقت أمل تعليمها في الألزاس إلى أن حصلت على الماستر في الآداب العصرية، وبعد ذلك اشتغلت أستاذة للغة الفرنسية وكانت في البداية تدرس الأجانب، قبل أن تتخصص في تدريس الأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة، لكنها لم تكن تشعر أنها خلقت من أجل التدريس رغم أنها كانت تحرص على نقل المعارف بكل الطرق الممكنة لتلاميذها.

نقطة تحول

واستمرت في مهنة التدريس لعشرين سنة، وشكلت فترة الحجر الصحي نقطة تحول في حياتها، حيث وصلت إلى قرار أنها لن تتم حياتها كأستاذة، وأنها ستتخصص كامل وقتها لما ترغب في القيام به حقا.

وقالت في حديثها لموقع يابلادي "قبل سنتين قررت تخصيص كل وقتي للرسم، بالنسبة لي الفن هو تواصل روحي، ما أجد نفسي فيه حقا هو الفن التجريدي"، وعبرت أمل عن إعجابها الشديد بالفنان أحمد الشرقاوي (2 أكتوبر 1934- 17 غشت 1967)، وهو أحد أهم الرسامين الحداثيين الرواد في الفن المغربي في الفترة التي تلت حصول البلد على الاستقلال سنة 1956.

"من خلال الفن أسعى لإيصال مجموعة من الرسائل، في المدرسة كنت أنقل المعارف والرسائل للتلاميذ، وأريد أن أستمر على نفس المنوال من خلال لوحاتي الفنية. أركز على الجانب الروحي، لوحاتي تطرح الكثير من الأسئلة، كما هو حال سلسلة اللوحات حول الحرف الأمازيغي".

أمل هوداف

وقالت أمل وهي عضو في المجلس البلدي لسان لويس منذ سنة 2008، أنها تشعر أن الفن جعلها تعيش حياة ثانية، لذلك قررت التخلي عن اهتماماتها السياسية والجمعوية بشكل كامل، وتخصيص كامل وقتها للفن، الذي سمح لها بالعودة إلى جذورها وإقامة روابط مع المغرب.

وأوضحت أن انجذابها للفن التجريدي نابع من قدرته على خلق تفاعل بين الفنان والمشاهد بطرق غير تقليدية، حيث يتم التخلي عن التمثيل الواقعي للأشياء والانتقال إلى لغة فنية تعتمد على الألوان والأشكال والخطوط بشكل أساسي. وبذلك يصبح الفن التجريدي وسيلة للتعبير عن التجارب الحياتية أو الرؤى الفنية الفردية، ويعكس رغبة الفنان في التحرر من القيود الواقعية وإمكانية استكشاف الأفكار بشكل غير محدود.

كما أن انجذابها لهذا النوع الفني جاء لكونه لا يعتمد على رموز محددة أو تفاصيل واضحة، مما يجعل منه لغة عالمية يمكن فهمها واستيعابها متجاوزا حدود اللغة والثقافة.

وبما أنه لكل عمل تجريدي رسالة فريدة تعتمد على خلفية الفنان وتأثيراته الشخصية والثقافية، فإن أمل ترى أنه "من خلال فني الأشخاص يرون المغرب، وأنا فخورة بكوني مغربية، كما أنني فخورة بفرنسيتي، كان ينقصني الرابط مع المغرب والفن هو الذي مدني به، أنا أنجذب لكل ما له علاقة بالمغرب".

رسالة سلام وأخوة ومساواة

وقالت "اجتهدت لأربع سنوات. أستكشف موضوعات البشر وعالم الحيوان والطبيعة بشكل عام. ثقافتي المزدوجة تغذي تساؤلاتي وتفكيري في علاقات الإنسان مع المجتمع والثقافات المتعددة. تزداد حساسيتي حدة بكل ما يحيط بنا وما نختبره فرديًا وجماعيًا".

وتابعت "أستوحي الإلهام من حياتي الخاصة، ومن ذكرياتي، ومن مشاهد الحياة التي أراها في أي مكان وفي أي وقت. أحيانًا أكتب نصوصًا لتوضيح لوحاتي وأجعل الآخرين يسألون أنفسهم أسئلة أساسية، ولهذا السبب أحمل دائمًا دفتري الصغير حيث أكتب هذه الكلمات التي ستكون أيضًا مصدرًا للإلهام".

"في عالم عنيف عصبي ومحزن، يدعي عملي بكل تواضع أنه يقدم الفرح، بحيث يشع مثل رمز السلام لربط البشر بكل ما هو عالمي، وهو الأمر الأساسي الذي نسعى إليه جميعًا. أحتفل بحرية الوجود والتفكير والحب والوعي بالعالم من حولنا".

أمل هوداف

وأكدت أنه تحب "استخدام الفعل (الكلمة) والرموز لربط الإنسانية بقيم الأخوة والمساواة والعطف"، وأوضحت أنه "من خلال فني، أحتفل بحرية الوجود والتفكير والحب والوعي بالعالم من حولنا. أرسم الحالة الإنسانية بكل أبعادها الجسدية والعقلية والروحية".

وتابعت "أكرم الأنوثة، المرأة الساحرة، المرأة المقدسة، إنها رغبة نسوية في الحديث عن حقوق المرأة وأحوالها. الرجال موجودون أيضًا في عملي لأن التوازن بين المؤنث والمذكر ضروري. إنها قصيدة للجمال والخير، واهتزاز للطاقة الحيوية".

عرفان بدور المغرب

وتؤكد أمل أنه كان للمغرب دور كبير في تغيير وجهتها نحو عالم الريشة واللوحة، وقالت إنها التقت بالقنصل المغربي في ستراسبورغ، وأنه كان له فضل كبير في دعمها إذ نظمت في نونبر 2022 معرضا في مقر القنصلية المغربية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، وقالت "المغرب أعطاني فرصة في فرنسا وفتح لي الأبواب، وحصلت على جائزة من القنصلية المغربية، وهي أول جائزة أحصل عليها".

وأَضافت "عرضت لوحات بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، من بينها لوحات لسيدات شاركن في المسيرة". ولاقت اللوحات استحسانا كبيرا، وأوضحت "كبرت في فرنسا، وتلقيت تعليمي بفرسنا، ودرَّست الفرنسية لكن كما يقال "الدم يجبد"، وأنا ممتنة كثيرا للمغرب، وكل لوحاتي لها علاقة بالمغرب".

"أحس أنني أدافع عن المغرب من خلال فني، كما أن لدي برنامجا في إذاعة سويسرية وأنا الصوت الفرنسي للثقافة والموسيقى الإفريقية، وأحرص على التعريف بالموسيقى والثقافة المغربية".

أمل هوداف

وتستعد الفنانة لزيارة المغرب، وترغب في الالتقاء بفنانين مغاربة، وسبق لها أن نظمت العديد من المعارض، وقالت إنها ستكون "سعيدة إن أتيحت لها فرصة تنظيم معرض في المملكة".

وتابعت أنها ستزور "السنغال والكوت ديفوار، من أجل الالتقاء بفنانين هناك" وواصلت "أريد أن أنظم معارض في مختلف مناطق العالم"، وتستعد أمل حاليا لتنظيم معرض يومي 3 و 4 فبراير بستراسبورغ.

وأنهت حديثها مع موقع يابلادي قائلة "أنا أتعلم بشكل ذاتي، وأحرص على التعلم دائما، في سن 48 أحس أنني مجرد طفلة صغيرة".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال