القائمة

أخبار

وثيقة: الولايات المتحدة الأمريكية ضغطت على المغرب لتقديم مبادرة الحكم الذاتي للصحراء سنة 2007

تؤكد مراسلة من السفير المغربي في واشنطن إلى وزارة الخارجية الأمريكية سنة 2009، أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت وراء التخلي عن خطة التسوية التي اقترحتها الأمم المتحدة مطلع التسعينات لإيجاد حل لقضية الصحراء، وأنها هي التي ضغطت على المغرب لاقتراح مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007.

نشر
الملك محمد السادس بجانب الرئيس الأمريكي جورج بوش
مدة القراءة: 6'

تشير وثائق دبلوماسية رفعت عنها السرية، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تبدي اهتماما بملف الصحراء الغربية منذ، طرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة خافيير ديكويلار في صيف 1988 على المغرب والبوليساريو خطة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء.

فقد نشر موقع تابع لجمعية خاصة بالسفراء الأمريكيين السابقين، مقالا لإدوارد غابرييل الذي عمل سفيرا في المغرب بين سنتي 2001 و 1997، تطرق فيه إلى موقف الولايات المتحدة من نزاع الصحراء. مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت منذ توقيع وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو سنة 1991، إلى سنة 1998 تكتفي بدعم الجهود التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، من أجل حصر لوائح الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء الذي سيحدد مصير الإقليم المتنازع عليه.

وعزز الدبلوماسي الأمريكي مقاله بمقاطع من وثيقة رفعت عنها الولايات المتحدة الأمريكية السرية بتاريخ 16 ماي 2017، وتحمل هذه الوثيقة عنوان "تاريخ سياسة الصحراء"، وهي عبارة عن مراسلة بعث بها سفير المغرب السابق في الولايات المتحدة (2002 - 2011) ، عزيز مكوار، إلى وزارة الخارجية الأمريكية في سنة 2009، وذلك قبل مدة وجيزة من زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى الملكة.

وتتطرق الوثيقة المكونة من سبع صفحات، إلى الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في النزاع الإقليمي حول الصحراء، والاتفاقيات السرية المبرمة بين الرباط وواشنطن.

ويؤكد إدوارد غابرييل أنه في نهاية التسعينات، أيقنت واشنطن أن تنفيذ خطة التسوية في الصحراء الغربية، والتي تقوم على تنظيم استفتاء يقود إلى خيارين: إما الانضمام إلى المغرب أو الاستقلال عنه. وصلت إلى الطريق المسدود، بسبب الخلافات العميقة بين جبهة البوليساريو والجزائر من جهة، والمغرب من جهة ثانية، حول من يحق لهم التصويت.

ويشير بالاعتماد على مراسلة السفير المغربي إلى أن واشنطن اقترحت في سنة 1999 ، مبادرة تهدف بشكل خاص إلى التخلي عن خطة التسوية، واقتراح مسار آخر من أجل وضع حد للنزاع، لكن المغرب والجزائر والبوليساريو كانوا يتمسكون بإجراء الاستفتاء رغم الاحتلافات الكبيرة حوله.

وجاء في مراسلة السفير المغربي "إن التخلي عن خيار الاستفتاء كان مبادرة سياسية أمريكية ، وليست مغربية. واستغرق الأمر نقاشًا سياسيًا داخليًا صعبًا جدًا بالنسبة للمغرب من أجل مناقشة الطلب الأمريكي".

ومارست الولايات المتحدة الأمريكية بحسب الوثيقة ضغوطا كبيرة على المغرب، من أجل إقناعه بالتخلي عن خطة التسوية التي تقوم على الاستفتاء، التي لم تعد "مثيرة للاهتمام" وأن الاستفتاء سيسفر بالضرورة عن وجود "خاسر وفائز" وهو ما يمكن أن يؤدي إلى اشتعال نيران الحرب في المنطقة.

وأكدت واشنطن أنها "لن تدعم أبدًا أي مبادرة تهدف إلى إجبار المغرب على الالتزام بنتيجة لن يقبلها" ، مشيرة إلى سيادة المملكة على الصحراء.

وحاولت الولايات المتحدة إقناع الملك الراحل الحسن الثاني بضرورة التخلي عن خطة التسوية، وقبل الحسن الثاني بذلك ووعد المسؤولين الأمريكيين بمناقشة الموضوع مع الجزائر، لكنه توفي قبل أن يفي بوعده، وهو ما جعل الإدارة الأمريكية تقدم الاقتراح للملك محمد السادس.

وفي يونيو 2000، قدم المبعوث الأممي للنزاع آنذاك جيمس بيكر، مقترحا تحت اسم "الاتفاق الإطار"، نص على ممارسة السلطة في الإقليم المتنازع عليه، من قبل سكان الصحراء عن طريق هيئات تنفيذية وتشريعية وقضائية، على أن يحتفظ المغرب بالسلطة الكلية على العلاقات الخارجية، وبعد مرور خمس سنوات يطرح وضع الصحراء على استفتاء للناخبين المؤهلين في تاريخ يتفق عليه الطرفان. ولكي يكون الناخب مؤهلا للتصويت في هذا الاستفتاء، يجب أن يكون قد أقام بصورة دائمة في الصحراء طيلة السنة التي تسبق الاستفتاء.

واستجاب المغرب لهذه المبادرة، حيث جاء في تقرير الأمين العام عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية، الصادر في 23 ماي 2003 أنه "في أوائل عام 2001 تمكن مبعوثي الشخصي من أن يقرر بأن المغرب، بوصفه السلطة القائمة بالإدارة في الصحراء الغربية، مستعد لتأييد مشروع اتفاق إطاري بشأن مركز الصحراء الغربية، ويتوخى الاتفاق نقل للسلطة إلى سكان الإقليم على أن يجري تقرير المركز النهائي للإقليم بواسطة استفتاء يجري بعد ذلك بخمس سنوات".

وأكد الأمين العام الأممي آنذاك كوفي عنان في ذات التقرير، أن الجزائر أبدت "تحفظات شديدة" على المقترح، كما أن جبهة البوليساريو أكدت عدم استعدادها "للنظر في مشروع الاتفاق الإطار".

وتكشف الوثيقة الموقعة من قبل السفير المغربي، أن المغرب تفاجأ في 2003، بتقديم بيكر اقتراحا جديدا أطلق عليه اسم "خطة السلام"، وهي الخطة التي تختلف عن الاتفاق الإطار الذي عرضته الولايات المتحدة على المغرب، و"الذي قبل به المغرب بناء على طلب أمريكي".

وكان المغرب يعتقد أن بيكر قدم المقترح بناء على توصيات من الإدارة الأمريكية، وخلال لقاء بين الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي جورج بوش على هامش الدورة 58 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد هذا الأخير أن "أن بيكر لا يمثل الولايات المتحدة الأمريكية" وأَضاف أن "الولايات المتحدة لن تدعم أبدا أي اقتراح لن يقبل به المغرب".

وأخبر بوش العاهل المغربي بأنه "من الضروري في حال عدم قبول مقترح بيكر، أن يقدم المغرب مقترحا للحكم الذاتي من أجل دفع الأمور إلى الأمام".

ولم تكن هذه المرة الوحيدة التي تنصح فيها الولايات المتحدة الأمريكية، باقتراح حل الحكم الذاتي، ففي شتنبر من سنة 2006، ككرت واشنطن ذلك من خلال الإشارة إلى أنه "إذا كان يمكن للمغرب أن يضع خطة ذات مصداقية متمثلة في حكم ذاتي موسع للصحراء تحت السيادة المغربية وقبول التفاوض مع البوليساريو".

ووعدت الولايات المتحدة المغرب وفقا للوثيقة نفسها بأنها "ستعلن بشكل علني أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق من أجل وضع حد للنزاع".

وفي 11 أبريل 2007، قدم المغرب رسميا، مقترح الحكم الذاتي من خلال رسالة من الملك محمد السادس إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تتعلق "بالمبادرة المغربية الخاصة بالتفاوض حول نظام الحكم الذاتي في منطقة الصحراء"، تنص على أن يمارس سكان الصحراء، سواء الموجودين في الداخل أو الخارج، "الحكم الذاتي للصحراء، داخل الحدود الترابية للجهة، ومن خلال هيئات تنفيذية وتشريعية وقضائية، وفق المبادئ والقواعد الديمقراطية".  وفي السنة ذاتها أشادت الولايات المتحدة الأمريكية وباقي أعضاء مجلس الأمن الدولي بالمبادرة المغربية وأكدوا بأنها خطة تتمتع بـ"المصداقية والجدية"، وأنها ستمهد الطريق لتسوية النزاع.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال