القائمة

أرشيف

في الذاكرة # 32: أبو البركات يوسف البربري..المغربي الذي "قهر العفريت" ونشر الإسلام في جزر المالديف

يعود الفضل في وصول الإسلام إلى دولة جزر المالديف الواقعة في المحيط الهادي، إلى رجل مغربي يدعى أبو البركات يوسف البربري. ووصل البربري إلى جزر المالديف سنة 1153ميلادية / 548 هجرية حيث تمكن من إقناع السكان وحاكم البلاد باعتناق الدين الإسلامي.

نشر
أبو البركات البربري/ محمد المجدوبي، يابلادي
مدة القراءة: 5'

في منتصف القرن السادس الهجري، وصل داعية مغربي يدعى أبو البركات يوسف البربري، إلى جزر المالديف، الواقعة في قارة آسيا في المحيط الهندي، وبالضبط جنوب غرب سري لانكا والهند، والتي تتكون من سلسلة من 26 من الجزر المرجانية، واستطاع إقناء سكان الجزر وحاكمها باعتناق الدين الإسلامي.

وبحسب ما يحكي كتاب التاريخ الإسلامي : العهد العثماني  لصاحبه محمود شاكر، فقد وصل التجار المسلمون إلى جزر المالديف عام 85 في خلافة عبد الملك بن مروان، وبدأ بعض الناس يدينون بالإسلام، لكن

"ظهر أثر المسلمين واضحا عام 545 بعد أن وصل الدعاة إلى تلك الجزر ومنهم أبو البركات البربري فاستطاع بإذن الله أن يأخذ بأيدي السكان نحو الإسلام، وأسلم الناس جميعا حتى لم يبق في الجزيرة غير مسلم، وأسلم الملك وتسمى محمد بن عبد الله. وقد زار الرحالة ابن بطوطة الجزر 744 وأطلق عليها اسم ذيبة المهل، وعمل قاضيا فيها مدة".

من كتاب التاريخ الإسلامي: العهد العثماني

أسطورة العفريت

وسبق للرحالة المغربي محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة، أن زار جزر المالديف، وعين قاضيا بها، وتحدث في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، عن تاريخ وصول الإسلام إلى هذه الجزر وقال "نساؤها لا يلبسن إلا فوطة واحدة وتسترها من السرة إلى أسفل، وسائر أجسادهن مكشوفة. وكذلك يمشين في الأسواق وغيرها، ولقد جهدت لما وليت القضاء بها أن أقطع تلك العادة وآمرهن باللباس، فلم أستطع ذلك، فكنت لا تدخل إلي منهن امرأة في خصومة إلا مسترة الجسد، وما عدا لم تكن عليه قدرة".

وبحسب ابن بطوطة فإن أهل هذه الجزر كانوا "كفارًا"، وكان يظهر لهم في كل شهر "عفريت من الجن، يأتي ناحية البحر، كأنه مركب مملوء بالقناديل. وكانت عادتهم إذا رأوه، أخذوا جارية بكرًا فزينوها وأدخلوها إلى "بدخانة". وهي بيت الأصنام، وكان مبنيًا على ضفة البحر، وله طاق ينظر إليه، ويتركونها هنالك ليلة، ثم يأتون عند الصباح فيجدونها مفتضة ميتة. ولا يزالون في كل شهر يقترعون بينهم، فمن أصابته القرعة أعطى بنته".

وبقي الأمر على حاله إلى أن وصل إلى البلاد الداعية المغربي أبو البركات يوسف البربري، حيث وجد سيدة عجوزا تبكي، فلما استفسرها قالت له إن القرعة وقعت على ابنتها، فقال لها بحسب ما جاء في كتاب ابن بطوطة

"أنا أتوجه عوضا من بنتك بالليل، وكان سناطا، لا لحية له فاحتملوه تلك الليلة وأدخلوه بدخانة، وهو متوضئ، وأقام يتلو القرآن، ثم ظهر له العفريت من الطاق، فداوم تلاوة القرآن، ثم فلما كان منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر وأصبح المغربي وهو يتلو عليه حاله".

من كتاب تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار

وفي صباح اليوم الموالي "جاءت العجوز وأهل الجزيرة، ليستخرجوا البنت على عادتهم فيحرقوها، فوجدوا المغربي يتلو، فمضوا به إلى ملكهم، وكان يسمى شنورازة، وأعلموه بخبره فعجب وعرض المغربي عليه لإسلام، ورغبه فيه (...) وشرح الله صدر الملك للإسلام فأسلم قبل تمام الشهر، وأسلم أهله وأولاده وأهل دولته".

ولم يقتصر دور أبي البركات البربري على نشر الإسلام، فقد كان له تأثير أيضا في اللغة المحلية المعروفة باسم السيلانية، حيث جاء في "مجلة دعوة" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أنه "وعلى الرغم من اللغة المالديفية التي ترجع في أصلها إلى اللغة السيلانية (السنهالية) فإنها قد شهدت تطورا ملحوظا فرضته الكلمات العربية الجديدة التي أصبح الأهالي يستعملونها بعد إسلامهم ككلمة الله- الرسول- القرآن- الملائكة- الآخرة- الثواب- العقاب وغيرها من الكلمات العربية التي أصبحت جزءا من الحياة الجديدة".

تعظيم المغاربة

وبحسب ابن بطوطة فإن سكان الجزر "تمذهبوا بمذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وهم إلى هذا العهد يعظمون المغاربة بسببه، وبني مسجدا هو معروف باسمه".

وزاد قائلا إنه قرأ على مقصورة الجامع منقوشا في الخشب "أسلم السلطان أحمد شنورازة على يد أبي البركلت البربري المغربي".

وفي العددان 127 و128  تحدثت مجلة "دعوة الحق" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عن انتشار الإسلام في جزر المالديف وجاء فيها "الجدير بالذكر أن شعب المالديف شعب مسلم لا تشوب إسلامه شائبة متمسك بدينه الحنيف لا يرضى عنه بديلا يحفظ القرآن، ويقيم الصلوات الخمس ويتبع الشريعة الإسلامية، وقد انعكس هذا بوضوح في دستوره الذي لا يسمح بصريح العبارة لغير المسلمين بالإقامة الدائمة في المالديف، كما أن الإفطار في شهر رمضان بلا عذر شرعي يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون واستيراد المشروبات الروحية أو صناعتها ممنوع منعا باتا.. ومع أن صيد السمك هو مصدر رزق السكان فإن الخروج للصيد صباح الجمعة ممنوع خوفا من فوات صلاة الجمعة".

أحد مساجد جزر المالديف

ولم يقتصر دور أبو البركات البربري على نشر الإسلام، فقد كان له تأثير أيضا في اللغة المحلية المعروفة باسم السيلانية، حيث شهدت بحسب مجلة "دعوة الحق" تطورا "ملحوظا فرضته الكلمات العربية الجديدة التي أصبح الأهالي يستعملونها بعد إسلامهم ككلمة الله- الرسول- القرآن- الملائكة- الآخرة- الثواب- العقاب وغيرها من الكلمات العربية التي أصبحت جزءا من الحياة الجديدة".

ولا يزال قبر الداعية المغربي أبو بركات البربري موجودا إلى اليوم في عاصمة البلاد مالي، ويشكل قبلة للسياح الذين يحجون إلى الجزر من جنسيات مختلفة.

قبر أبو البركات البربري

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال