القائمة

الرأي

حقوق الإنسان بين الاحترام والاحتگار ( الجزء الثاني)

دعونا من التقارير الخارجية حول حقوق الإنسان التي يقول عنها الوزير الناطق الرسمي للحكومة أنها متحاملة عندما يدعي من حررها أن هناك تضييق على ممارسة الأنشطة السياسية والثقافية وهناك انتهاك للحقوق السياسية للكثيرين . 

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

في نازلة حزب البديل الحضاري الذي لم تدول إلى حد اليوم ليس عجزا منا بل موقف ، نجد أن الحضر الإداري لهذا الحزب قد تم في الضروف والشروط التي يعرفها جيدا السيد وزير الاتصال وأعضاء حزبه ويعرفون خباياها . طلبنا رآسة الحكومة و وزارة الداخلية تسليمنا قرار الحل وتحرير محضر التسليم كما تنص بذلك القوانين . رفض رئيس الحكومة ورفضت وزارة الداخلية تفعيل القانون . أليس هذا خرقا لدستور البلاد وقوانينها ومسا صارخا لحقوق المواطنة وحگرة ما بعدها حگرة ؟. وطبعا يعلم الذي يمنعنا من الحصول على قرار الحل بشكل قانوني أنه يمنعنا تبعا لذلك من اللجوء إلى القضاء الذي سيرفض استئنافنا للحضر الإداري شكليا بحجة أننا لم ندلي للمحكمة بما يدل أن الحزب قد حل . ليس هناك قرار رسمي ولم يصدر في الجريدة الرسمية كما تقتضي بذلك اللوائح القانونية " وشربوا البحر " . والعجيب أن بعض المقربين من رئيس الحكومة اتصلوا بنا ليقولوا لنا أن عبدالإله بن كيران لا يمكن أن يفعل شيئا في قضية حزب البديل الحضاري التي يتحكم فيها العفاريت والتماسيح : " هذي حگرة ولا ماشي حگرة يا عباد الله " ؟.
حادثة حزب البديل الحضاري ليست منفردة فهناك العديد من الأحزاب المؤسسة أو قيد التأسيس و جمعيات المجتمع المدني تعاني نفس المعاناة وتواجه نفس العبث وتمارس في حقها كل أشكال الحگرة عن سبق اصرار وترصد .
شخصيا أنا مستثنى من التسجيل في اللوائح الإنتخابية بغاية منعي من المشاركة في الحياة السياسية في خرق سافر للدستور ولقوانين البلاد.إذ ليس هناك قرار قضائي بحرماني من حقوقي المدنية والسياسية وبعد خمس سنوات من صدور العفو في حقي ما زلت أنتظر مساعي المجلس الوطني لحقوق الإنسان لرفع هذا الظلم ! : أليس هذا انتهاك للحق في المشاركة السياسية أم لا ؟ وهذا التعامل " حگرة ولا ماشي حگرة يا عباد الله" .
وحينما يضرب الحق في التجمع أو يتعامل معه بانتقائية مفضوحة ، وحينما يتم منع أنشطة حزبية وجمعوية من دون سبب واضح وعلى غير وجه قانوني وهو كأس تجرع منه الأسبوع الماضي وزير الاتصال والناطق الرسمي للحكومة نفسه وهو الذي يتزعم الرافضين للتقارير الدولية حول وضعية حقوق الإنسان ببلادنا، وقبله بأسبوع تجرع من نفس الكأس الوزير رباح : أنشطة مرخص لها لوزراء في الحكومة الحالية تمنع من غير وجه قانون بعدما قطعوا المئات من الكيلومترات للتواصل مع مناضليهم ومع المواطنين ، يمنعهم قايد أو مخازني : " هذي حگرة ولا ماشي حگرة يا عباد الله " . أنا لا أتكلم عن أنشطة أحزاب وجمعيات من المعارضة على شاكلة حزب الطليعة وشبيبته أو حزب النهج أو حزب البديل الحضاري أو نشطاء من المجتمع المدني في الأقاليم الصحراوية بل عن وزراء حزب يشغل أمينه العام وظيفة رآسة الحكومة .
سنسلم جدلا أن التقارير الدولية كانت متحاملة بشأن تعذيب المعتقلين السياسيين والمعتقلين على خلفية الأعمال الإرهابية سواء في مخافر الاعتقال أو في السجون ولكن لنتحلى قليلا بالشجاعة ولنسمح لأنفسنا بفتح تحقيقات مستقلة عن معانات السجناء عند الاعقال وأثناء التحقيق وبعد الإيداع في السجون وسنقف على واقع مخجل يحط بكرامة الإنسان وحقوقه . وأتساءل مع المتسائلين : لماذا ترفض السلطات ببلادنا إلى اليوم أن يرافق الدفاع المتهم من لحظة اعتقاله حتى لحظة خروجه نهائيا من السجن ؟ هكذا هو الحال في الدول التي تحترم حقوق الإنسان وقرينة البراءة وتحترم حقوق السجين .
وتعرف الحكومة وتعرف أحزابها وأحزاب المعارضة وموسسات المجتمع المدني أن المغرب قد انتهج سياسة استباقية في محاربة الإرهاب ولهذه السياسة نجاعتها، أكيد، ولكن هناك احتمالات كبيرة في كونها قد تخلف بعض الضحايا الأبرياء المظلومين مما يفرض وجود آلية لتصحيح مطبات هذه السياسة ومنها آلية العفو. لكن هذه الآلية تم تعطيلها في ما يخص السجناء على خلفية سياسية والمتابعين في قضايا الإرهاب بحجج واهية . اليوم هناك حالات إنسانية : شيوخ منهم من فقد بصره ولا يشكل أي خطر على أمن البلاد ويكفر بالعنف ويرفض التطرف ومرضى حياتهم مهددة بل منهم حمقى ومع ذلك يتركون في السجن يعانون أبشع أنواع الحگرة والإذلال . آن الاوان ان نصحح هذه الأوضاع ونعيد الاعتبار للمواطن والمواطنة وللحق في الكرامة واحترام حقوق الإنسان . إن أكبر حگرة تعرض لها المتابعين في قضايا الإرهاب ليس فقط ظروف اتهامهم واعتقالهم ومحاكمتهم وسجنهم بل أيضا طريقة التعامل معهم بعد اطلاق سراحهم حيث لم يصير إلى إعادة تأهيلهم في أفق إعادة إدماجهم وتركوا لمصيرهم ، يعانون الفقر والضياع ، وأكاد أجزم أن هذا الأمر من أهم أسباب العود الذي شاهدناه عند هؤلاء اللذين اختار بعضهم الالتحاق بالجماعات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا .
دعونا أيضا مما أشارت إليه التقارير الخارجية التي وصفتها حكومتنا بالمتحاملة ولكن الكل في بلادنا يعلم كيف يتم التعامل مع الحق في التضاهر ولعل نموذج التعامل مع الأساتذة المتدربين اللذين تعرضوا خلال معركتهم ضد المرسومين لأعمال أقل ما يقال عنها أنها انتهكت في العديد من الأحيان هذا الحق . ليس هذا فقط بل إن الاستعمال المفرط للقوة ضدهم قد أدى في أكثر من مناسبة إلى أضرار جسدية ما كانت لتحصل لولا الاستخفاف بحقوق هؤلاء المواطنين وحگرتهم بالرغم من الانضباط الكبير الذي عبروا عنه .
من كل ما تقدم والذي ما هو إلا غيض من فيض نجد أن القاسم المشترك للمنتهكين لحقوق المواطنين هو احتگار المواطنين والانتقاص من شأنهم . ويبدو أن هذه الممارسات تصدر عن أناس وحتى جهات لا يبدو أنهم يقيمون وزنا لحقوق المواطنين وكرامتهم . أناس من زمن اعتقدنا أنه ولى واعتقدنا أننا محصنين ضده بتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة . لست عدميا لأقول أن المغرب لم يبذل مجهودات في مجال احترام حقوق الإنسان ولكن يجب الاعتراف أن المسافات بين الواقع والمراد ما تزال بعيدة ومن غير اللائق السكوت عن الخروقات التي تتم يوميا في هذا المجال فلا بد من فضح هذه الممارسات وفضح مرتكبيها والمطالبة بفتح التحقيقات في شأنها والضرب على يد كل من تسول له نفسه أن يعبث بحقوق المواطنين ويحتگرهم . وعلينا العمل على تصحيح ما يترتب عن هذه الانتهاكات من آثار لما لها من سلبية على سمعة بلادنا ومصالحها وخاصة في قضية الصحراء حيث تضغط جهات أجنبية من أجل منح المينورسو صفة المراقب لحقوق الإنسان في الصحراء بدعوى أن المغرب يعرف انتهاكات لحقوق الإنسان .

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال