القائمة

الرأي

انتخابات سابقة لأوانها!

 

انتهى مسلسل الانتخابات المحلية والجهوية، مُفضيا إلى غرفة ثانية جديدة، مخلفا آثاره القوية على مشهد حزبي في قلب التحولات، عاصفاً بتحالف المعارضة، ومُلقياً بالأغلبية داخل المزيد من الهشاشة.

انتهى مسلسل الانتخابات المحلية والجهوية، مُفضيا إلى غرفة ثانية جديدة، مخلفا آثاره القوية على مشهد حزبي في قلب التحولات، عاصفاً بتحالف المعارضة، ومُلقياً بالأغلبية داخل المزيد من الهشاشة.

 

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

ارتدادات 4 شتنبر، لن تتوقف هنا، إذ إنه بالنسبة إلى العدد الكبير من الأحزاب المغربية سيكون هناك بالتأكيد ما قبل انتخابات 2015، وما بعدها.

لكل ذلك، تفصلنا عن موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، سنة كاملة من الهدر السياسي، حيث السياق ما قبل الانتخابي سيضغط بقوة على سلوك الفاعلين الحزبيين، وحيث الأحزاب سواء أكانت في الأغلبية أو المعارضة انطلقت في سلسلة إصدار نوايا بالتحالفات المستقبلية، ما يضعف أكثر الاصطفافات الحالية، وهو ما من شأنه الانعكاس سلباً على العمل الحكومي، وعلى الإصلاحات المؤجلة والضرورية.

تنتظرنا سنة كاملة من الهدر السياسي، حيث الزمن الانتخابي سيلقي بكل قوته على زمن التدبير، وزمن السياسات العمومية.

سنة كاملة، لا تتحملها البلاد على المستويات المالية والاقتصادية الصعبة،

والسياسات الاجتماعية التي تحتاج إلى إصلاحات عاجلة وحاسمة، خاصة إذا تميزت بالعبث المغربي الشهير الذي يجعل أحزابا في الأغلبية، تصبح فاعلة في تحالفات سياسية مع أحزاب من المعارضة، والعكس صحيح تماما.

سنة ستذكرنا بالتأكيد – مع الوعي بحدود ومتغيرات المقارنة – بالسنة الأخيرة من ولاية الأستاذ عباس الفاسي، حيث انفض عملياً عقد التحالف الأغلبي، بتمرد معلن لوزير المالية على وزيره الأول.

لقد سبق أن أضاع المغرب سنة من زمن الإصلاح؛ سنة من «اللاحكومة»، عقب المغامرة «الغامضة» لحزب الاستقلال بالخروج من التحالف الحكومي إلى غياهب المجهول. وليس من حق السياسيين إضاعة سنة أخرى من العمر القصير لحكومة تواجه تحديات جِدية.

إن الشروط الموضوعية التي أنتجها اقتراع شتنبر، تُزكي التخوف من سيادة «حالة انتخابية»، من شأنها أن تنتج ضعفاً كبيراً في منسوب الثقة داخل الفضاء السياسي والحزبي، مُكرسة لسنة بيضاء على مستوى الإصلاح، وأن تعيد إنتاج وضعية حرب الجميع ضد الجميع، وأن يعلو في النهاية اللغط والمزايدات في لحظة إصلاحات صعبة وحيوية، تتطلب على الأقل مزاجا آخر للتفكير، وحوارا بنبرة مختلفة.

لذلك، ليس ثمة من حل لتدبير الآثار الوخيمة لرجّة 4 شتنبر، على إدارة الشأن العام الوطني، سوى الدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، تسبقها مؤتمرات الأحزاب تفاديا لحوادث السير السياسية التي قد تخلقها الانقلابات المفاجئة على مستوى القيادات والمواقف السياسية، ويسبقها – وهذا الأهم – كذلك إصلاح ضروري لنمط الاقتراع، يُشجع على إعلان التحالفات قبل موعد الانتخابات، ويسمح بعقلنة أكبر للمشهد الحزبي، وببروز تقاطب واضح.

إذ في بلاد، كالمغرب، فإن السياسة لا تحتاج إلى أسباب إضافية للهشاشة واللافعالية والعجز.

منبر

حسن طارق
أستاذ جامعي، برلماني
حسن طارق
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال