القائمة

الرأي

هل التحكم بصدد التحول إلى الانفصال؟

 

ونحن على بعد بضعة أسابيع من الانتخابات الجماعية المقررة في شهر شتنبر المقبل، بدأت خطابات بعض الأحزاب السياسية تكشف عن استراتيجيتها الانتخابية..والتي تحيل على مشروعها السياسي العميق..

ونحن على بعد بضعة أسابيع من الانتخابات الجماعية المقررة في شهر شتنبر المقبل، بدأت خطابات بعض الأحزاب السياسية تكشف عن استراتيجيتها الانتخابية..والتي تحيل على مشروعها السياسي العميق..

 

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

هل هي بوادر التحكم تعود من جديد؟

العربي المحرشي، المستشار البرلماني وعضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، يكشف بسذاجة عن جزء من هذه الاستراتيجية: ادعاء امتلاك القوة الذي يستبطن ابتزازا واضحا للدولة، ما يستدعي وقفة واضحة من طرف الدولة ومؤسساتها لتوضيح الأمور..

أن يقف مسؤول سياسي لإقناع المواطنين بمشروعه السياسي وببرنامجه الانتخابي، فهذا من صميم وظيفة الأحزاب السياسية، لكن أن يقف برلماني ينتمي إلى حزب تُلاحقه نشأته غير الطبيعية، وقربه من دوائر نافذة داخل السلطة ليوزع الاتهامات في حق رجال الدرك، ويتحدث بوثوقية عن علاقته بالجنرال، ويوزع الاتهامات بالرشوة واستغلال النفوذ والفساد في حق رجال الدرك ورجال السلطة في الشاون، وأن ينتقل إلى التحريض المباشر لساكنة المنطقة على زراعة الكيف، وما يستتبع ذلك من تشجيع على تجارة المخدرات كنتيجة طبيعية للتأصيل السياسي لزراعة المادة الأولية لها، بدعوى الانتقام من الدولة والحكومة لأنها حرمت سكان الريف وجبالة من الشغل والطرقات والمتاجر الفاخرة على غرار ما هو موجود في العاصمة الرباط، وعدم تحملها لمسؤوليتها في بناء الطرق والمدارس والمستشفيات والبنيات التحتية كما في المدن الكبرى..!! فهذا ما يمكن اعتباره تحريضا مباشرا للتمرد على الدولة وتهديد العيش المشترك للمغاربة، ولِمَ لا يمكن اعتباره مقدمة لمطالب انفصالية في شمال المغرب، وذلك عبر تقوية بذور ثقافة حاقدة تجاه المدن وتجاه سكان الداخل..

الرسالة الأولى، في خطاب القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، هي أن «حزبه مستعد لتوفير الحماية لتجار المخدرات وتحصينهم من المتابعات القضائية، شريطة تحالفهم معه في الانتخابات المقبلة ودعمهم لحزبه بالمال والرجال»..وتذكير تجار المخدرات بقدرة هذا الحزب على معاقبة كل من يرفض الانصياع منهم والدخول إلى بيت الطاعة والأمثلة شاهدة على التنكيل ببعض «المتنطعين» منهم.

الرسالة الثانية موجهة للدولة: «أجل، لقد فشلنا في مواجهة حزب العدالة والتنمية، وخاصة بعد اندلاع رياح الربيع العربي..لكن لا يمكن أن تتخلصوا منا بهذه السهولة..نحن وسطاء ضروريون في مناطق الريف وجبالة. إننا قادرون على ضبط عشرات الآلاف من مزارعي الكيف الصغار، بالإضافة إلى قدرتنا على التواصل مع تجار المخدرات..»..إنه استنساخ لتجارب التمرد على الدولة التي ظهرت في أمريكا اللاتينية، والتي خبر قياديو هذا الحزب طرق اشتغالها بشكل جيد…

على الجميع أن يستحضر طبيعة نشأة هذا الحزب ذات الأبعاد المختلطة (يسار متطرف ذو ميولات معادية لطبيعة النظام، النزعة الأمازيغية المتطرفة المعادية للهوية العربية، بالإضافة إلى عزفه المتكرر على وتر مظلومية أهل الريف وجعل النواة الصلبة لقيادته متكونة من البعض منهم)..إن تصريحات العربي المحرشي خطيرة، وهي ليست سوى صدى لمن يأتمر بأوامرهم، وهي تذكرنا بخطاب الحزب عند انطلاقته بعد أن هشم بنية العديد من الأحزاب، وقام بالسطو على جزء معتبر من منتخبيها، وحطم ما تبقى لدى بعض قيادييها من كرامة، ونجح في تطويع قيادات حزبية أخرى وفرض عليها الاستجابة لضغوطاته المحفوفة بالكثير من التوظيف الرمزي للغة التحكم ولأشياء أخرى..

إن البلاد مهددة في تجربتها السياسية الواعدة، ومهددة في نموذجها في التحول الديمقراطي، بسبب كائنات سياسية لا تريد الديمقراطية والانتخابات النزيهة، ولا تجد حرجا في وضع يدها في يد مافيات مشبوهة لتحقيق أهدافها والوصول إلى المؤسسات المنتخبة..

الجميع مطالب بتحمل مسؤولياته ووقف غول التحكم الذي بدأ يطل برأسه من جديد.

منبر

عبد العالي حامي الدين
أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال