القائمة

الرأي

حسن طارق يكتب: البيروقراطية التشاركية

 

أصبح اثنان من أهم مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالمشاركة المواطنة، تقريبا، جاهزين؛ ويتعلق الأمر بمشروع قانون تنظيمي رقم 14-44 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، في ما يهمّ مشروع قانون تنظيمي رقم 14-64، تحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع.

أصبح اثنان من أهم مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالمشاركة المواطنة، تقريبا، جاهزين؛ ويتعلق الأمر بمشروع قانون تنظيمي رقم 14-44 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، في ما يهمّ مشروع قانون تنظيمي رقم 14-64، تحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع.

 

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

المشروعان تم إعدادهما في إطار تطبيق الفصل 15 من الدستور الذي ينص على أن للمواطنات والمواطنين الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية، والفصل 14 من الدستور الذي ينص على الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع من قبل المواطنات والمواطنين ضمن الشروط والكيفيات التي يحددها قانون تنظيمي.

الخميس الماضي وافق المجلس الحكومي على المشروعين، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المقدمة من قبل بعض الوزراء بعد البت فيها من قِبلِ لجنة وزارية ستشكل لهذا الغرض تحت إشراف رئيس الحكومة، تمهيدا لعرض المشروعين على مصادقة المجلس الوزاري.

عندما نعود إلى هذين النصين، لابد أن يراودنا سؤالين ساذجين وضرورين في الآن ذاته؛ هل كان من الضرورة أن نضع قانونا للحق في العرائض؟ وهو الذي تحول منذ الثورة الفرنسية إلى حق أصلي وطبيعي يمكن ممارسته في جميع الحالات ما لم ينص قانون على خلافه، وهو الحق الذي كرسته مغربيا، الممارسة السياسية والاجتماعية منذ زمن الحركة الوطنية.

وهل كان من الضروري تقنين ملتمسات التشريع؟ وقد طورت كل من التجربة البرلمانية والممارسة المدنية، بالمغرب، قبل التنصيص الدستوري على خيار الديمقراطية التشاركية، العديد من تقاليد وصيغ مساهمة المواطنين والجمعيات في الإيحاء التشريعي.

الإطلاع على المشروعين يمنح الانطباع بأن الحكومة تريد وضع قوانين ليس للتطبيق: كيف يمكن جمع 7200 مواطن ومواطنة متمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، مسجلون في اللوائح الانتخابية العامة، في وضعية جبائية سليمة، وبتوقيعات مصادق عليها، لمجرد دعم تقديم عريضة للسلطات العامة؟ العريضة، التي يمكن رفضها أو قبولها من طرف رئيس الحكومة، وإذا تم قبولها تُحال على لجنة للعرائض التي تُحيل اقتراحاتها ورأيها حول موضوع العريضة إلى رئيس الحكومة، الذي سيخبر في النهاية أصحابها بالمآل الذي ستخصصه الحكومة لموضوعها.

وكيف يمكن جمع 25000 مواطن ومواطنة متمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، مسجلون في اللوائح الانتخابية العامة، وفي وضعية جبائية سليمة، لمجرد دعم ملتمس تشريعي، يمكن قبوله أو رفضه من قبل مكتب مجلس النواب، وإذا قُبل يمكن أن يُعتمد من طرق نائب أو أكثر لتقديمه كمقترح قانون، كما يمكن عدم اعتماده، وطبعا، فتقديم المقترح لا يعني البتة-بالضرورة – التصويت عليه وإقراره.

الواقع أن هذه النصوص تنهض على إثقال مسالك المشاركة المواطنة، المفروض فيها السلاسة واليُسر والبساطة، بحزمةٍ من المساطر والإجراءات والشكليات، وهو ما يجعلها في الحقيقة مجرد تأسيس قانوني لما يمكن نعته بالبيروقراطية التشاركية.

بمناسبة انطلاق الحوار الوطني، حول الأدوار الجديدة للمجتمع المدني، قبل سنتين، وفي هذا الحيز نفسه، كنا قد طرحنا هذا السؤال: هل يمكن أن نتصور من الناحية النظرية، سياسة عمومية في مجال المجتمع المدني؟

وما الذي يمكن للمشرع وللقرار السياسي وللقانون وللدولة، فِعلهُ في مجال هو بالتعريف مجال الحرية، المجتمع، المبادرة، والمواطنة؟

اليوم، مع المشاريع المقدمة سواء في ما يتعلق بملتمسات التشريع أو الحق في تقديم العرائض، يبدو أننا نتوفر على بعض عناصر الجواب؛ إذ يُمكن للمُشرّع وهو يقنن حق المواطنين في المشاركة أن يرمي بهذا الحق إلى متاهات الاستحالة!

منبر

حسن طارق
أستاذ جامعي، برلماني
حسن طارق
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال