القائمة

الرأي

التخطيط الاستراتيجي في قلب السياسات العمومية

توطئة

لقد فرضت حركة انفاس مند تأسيسها على عاتقها مهمة استشرافية بأفق زمني 2013. انطلاقا من قيمها المؤسسة قدمت الحركة رؤيتها لسياسة ضريبية فعالة مبنية على ميثاق للمواطنة و على تحسين مخزون الموارد للدولة. قدمنا بعد دلك رؤيتنا لإصلاحات القطاعات الاجتماعية المركزية : التعليم و الصحة, كما قدمنا, في اطار اصلاح العدالة, مشروع قانون لإصلاح العفو.

و كاستمرار لمساهماتنا السابقة, نعرض اليوم ثمرة تفكيرنا حول التخطيط الاستراتيجي في علاقته بتخضير القانون التنظيمي لقوانين المالية.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

السياق.

يشكل القانون التنظيمي لقانون المالية النص المرجعي فيما يخص المالية العمومية. يحدد هدا الاطار المرجعي المبادئ و القواعد التي يجب اتباعها خلال تحضير قانون المالية و تطبيقه. لقد كانت هده المرجعية تاريخيا تقنية و قانونية صرفة و لم تكن تهتم بأداء الصرف العمومي.

لقد أدخلت التطورات الحديثة في الميدان تدبيرا عبر اهداف عمومية قابلة للقياس, و تخصص لها محاصيل عمومية. ان المثال القريب في هدا الخصوص هو القانون التنظيمي الفرنسي لقانون المالية (قد صوت عليه سنة 2001) و الدي يعرف مهام عمومية, في كل منها مشاريع لها اهداف. هكذا تكون المصاريف موجهة بشكل افضل نحو مهام عمومية مطروحة بشكل جيد و يكون تدبيرها قابلا للقياس. ان القانون التنظيمي لقانون المالية المطروح من طرف الحكومة المغربية مستلهم بشكل كبير من الاطار الفرنسي : يعرض قانون المالية عبر مهام (غالبا على اكثر من سنة) و لكل مهمة تخصص اهداف.

في هدا المستوى, نود ان نورد عدة ملاحظات :

+ لا يحمل القانون التنظيمي و لا قوانين المالية في دواتهم مشاريع سياسية, بقدر ما يساهمون في الترجمة تقنيا للاختيارات السياسية.

+ لا تقدم الأحزاب السياسية المغربية مشاريع سياسية قابلة للقياس و مقرونة بأرقام خلال الانتخابات. يرجع هدا العمل الى الدرجة 3 بعد تشكيل الأغلبية و تفريق المقاعد الحكومية.

+ ينقص المخططات القطاعية التي شكلت مند بداية الالفية الثالثة رؤيا عامة و خيط ناظم من اجل التنسيق, مما حد من فعالية هده المشاريع. بل حتي الأفق الزماني لم يكن موحدا, نجد سياسة قطاعية تهدف سقفا من 10 سنوات و أخرى 5. ان هدا يستمر اليوم مع الأسف رغم التحديرات (تقرقر مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد : هل يتوفر المغرب على استراتيجية اقتصادية؟ - تقرير المجلس الاجتماعي و الاقتصادي حول السياسات القطاعية و التبادل الحر ... كأمثلة).

+ الجهوية : ان هدا البعد الجديد ينضاف الى كل المصاعب الأخرى في التخطيط الاستراتيجي, و الا فانه بالإضافة الى ضعف انسجام  السياسات القطاعية سينضاف ضعف الانسجام المجالي.

+ تنفلت بعض "المشاريع الكبرى المهيكلة" من كل تخطيط حكومي. ان التزامات الدولة في هده المشاريع تصبح دات أولوية في تحضير قوانين المالية من دون ان تكون قد أدمجت, بالمعني السياسي, في البرنامج الاولي للحكومة و اغلبيتها.

التخطيط الاستراتيجي في قلب السياسات العمومية.

فلسفة.

نعتقد ان الرجوع الى التخطيط الخماسي, بشكل حديث, يشكل اطارا مؤسساتيا ضروريا من اجل اقلاعة سوسيو اقتصادية حقيقية. وجب التنويه هنا ان التخطيط لا يعني العودة الى اقتصاد مخطط حيث تقرر الدولة ما يجب ان ينتجه الاقتصاد بل يوجه الى البعد الاستراتيجي لمقاربة الموضوع بطريقة متناسقة. قد يكون من الأفضل ان يتم اقتراح تعريف جديد "للتخطيط" كي يتم ابعاد هدا اللبس.

هكذا فنحن فاقتراحنا يرتكز على محاور كبرى :

+ المؤسسة المستقلة للتخطيط : انه من الضروري ان يتم تنصيب مؤسسة مركزية تعنى بالتخطيط. قد تجمع هده المؤسسة الإدارات المكلفة بالاحصائيات و التخطيط و الميزانيات ... و تكون مهامها : الدراسات الاستراتيجية, تحضير السيناريوهات المستقبلية لكل قطاع و لكل جهة, تقييم اهداف السياسات العمومية ... و تكون مكونة من موظفين اخصائيين من الإدارة العمومية و ممثلي الأحزاب و المجتمع المدني و جامعيين ... و تستحق ان يتم دسترتها لضمان استقلاليتها عن كل مالكي السلط و موضوعيتها. يكون لهده المؤسسة دور استشاري و لا تملك أي سلطة, على غرار مؤسسات الحكامة الأخرى.

+ تستطيع الاحزاب السياسية و الجمعيات و البرلمان و الحكومة و الجهات ... ان تطلب من مؤسسة التخطيط دراسات من اجل اعداد سياسات عمومية و مشاريع سياسية. ستتوفر الاحزاب السياسية خصوصا على هاته الدراسات و المعطيات و السيناريوهات ... من اجل اعداد البرامج الانتخابية التشريعية.

+ البرنامج الحكومي – اطار التخطيط الخماسي : عند تشكيل الائتلاف يحضر البرنامج الحكومي موازاة مع المفاوضات السياسية, و سيتم التصويت على هدا البرنامج ليصبح اطارا مرجعيا للخماسية فيما يخص قوانين المالية, و تصبح قوانين المالية السنوية هاته مجرد لازمة تهتم بالتقويم خلال الولاية فيما يخص الأهداف و الوسائل العمومية.

+ تقييم السياسات العمومية : دوريا (سنويا, منتصف الولاية), تستشار مؤسسة التخطيط (من طرف البرلمان او الحكومة او الاحزاب و الجمعيات ...) من اجل إعطاء احصائيات تنفيذ الأهداف المسطرة في السياسات العمومية.

من المخطط الى القانون التنظيمي لقانون المالية.

يجب ان يستشرف المخطط الإمكانات الضرورية لتنفيذه. تقترح اللجنة المكلفة بإعداده تقديرات تنفيذه و بيانات تمويله.

يمكن للقانون التنظيمي لقانون المالية ان يقترح الادماج المباشر في كل قانون للمالية الميزانيات السنوية المخصصة لتنفيذ اهداف المخطط الاستراتيجي, و هكذا تكون نقاشات الميزانيات للمواضيع الاستراتيجية مكثفة حول إعادة التقييم و تتبع انفاق الميزانيات المسطرة قبليا بدون إعادة النظر في الأهداف التي سبق التقرير فيها.

اننا نستغل فرصة تقديم القانون التنظيمي لقانون المالية من اجل عرض مساهمتنا حول موضوع يتجاوز الاطار التقني الصرف للقانون التنظيمي, لاننا نعتقد انه, تجاوزا لإعادة النظر في طريقة تقديم قانون المالية, و التي ستساهم في تحديثه, يجب ان ينصب النقاش في قلب تصور و تتبع و تقييم السياسات العمومية.

ان ملاحظة النقص الحاصل في التقاء و انسجام السياسات العمومية قد تمت في مرات عدة و من طرف هيئات مختلفة, و التي برهنت انه في غياب خيط ناظم يخسر المغرب نقاطا في النمو.

تشكل المحاور الأربع للممارسة الاولية للتخطيط بالنسبة لحركتنا دعوة للنقاش و تبادل الآراء حول موضوع التخطيط الاستراتيجي بصفة عامة و المواضيع المقترحة بصفة خاصة.

اننا نعتقد جازمين ان التخطيط الاستراتيجي هو في قلب مسلسل التنمية الاجتماعية و الاقتصادية, كما ندعو لخلق مؤسسة في خدمة الوطن.

زيارة موقع الكاتب: http://anfass.ma/

منبر

حركة انفاس الديمقراطية
حركة انفاس
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال