القائمة

أخبار

الصحراء في وثائق المخابرات الأمريكية #4: الجزائر وتشجيع الاتصالات بين البوليساريو وإيران ردا على التقارب بين الحسن الثاني والقذافي

تشير وثيقة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، تعود لسنة 1984، إلى أن الجزائر قد تلجأ إلى تقوية العلاقات بين جبهة البوليساريو من جهة وإيران وسوريا من جهة ثانية، في إطار ردها على التقارب بين الراحلين الحسن الثاني ومعمر القذافي في منتصف الثمانينات.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

في 13 غشت 1984 وقع الملك الحسن الثاني والعقيد الليبي معمر القذافي، معاهدة للوحدة بين المغرب وليبيا، أطلق عليها وصف "الاتحاد العربي الإفريقي"، وهو ما جعل العديد من الدول الغربية تستغرب لقبول الحسن الثاني الذي كان يقود دولة توصف بالمعتدلة، للدخول في اتحاد مع القذافي الذي يوصف بالتطرف.

وجاء قبول الحسن الثاني بالاتحاد، بعد إعلان القذافي عن تخليه عن دعم جبهة البوليساريو، وتشير وثيقة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتاريخ 30 نونبر 1984، رفعت عنها السرية في 4 أبريل 2011، تحت عنوان "الاتحاد المغربي الليبي: ملخص الوضع والآفاق"، إلى أن الملك الحسن الثاني سيشدد "على المساعدة المالية الليبية كوسيلة لتخفيف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في البلاد والتي أثارت أعمال شغب في يناير الماضي".

وتابعت الوثيقة أن "حضور جمهورية البوليساريو المعلنة من جانب واحد في قمة منظمة الوحدة الأفريقية الأخيرة وانسحاب المغرب بعد ذلك من شأنه أن يشجع الرباط على مواصلة الاتحاد كوسيلة مفيدة للقضاء على دعم طرابلس للمتمردين".

بالمقابل سيحاول الزعيم الليبي حسب الوثيقة "استخدام المغرب كوسيط في الحصول على قطع غيار أمريكية محظورة للطائرات وغيرها من المعدات".  وتوقعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "أن يقاوم الحسن (الثاني) بقوة أي ضغوط دولية للتنصل من الاتحاد. نعتقد أن الحسن يريد الحفاظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، لكنه سيراقب عن كثب أي إشارات تشير إلى أن واشنطن تتخذ إجراءات عقابية ضده".

البوليساريو وإيران وسوريا

ورأت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أن الاتحاد المغربي الليبي أدى إلى تفاقم الخلافات السياسية في شمال أفريقيا. وتنقسم المنطقة الآن إلى كتلتين تضمان تونس وموريتانيا والجزائر من جهة، وليبيا والمغرب من جهة أخرى".

وأضافت أن الجزائر تعتبر "الاتحاد خطوة تكتيكية من جانب الحسن لعرقلة الجهود الجزائرية لتعزيز الوحدة الإقليمية وإنهاء نزاع الصحراء الغربية"، كما يعتقد الجزائريون "أن الاتحاد سيشجع جهود القذافي لزعزعة استقرار المنطقة".

وأكدت الوكالة أن الجزائر كانت "حريصة على رؤية الاتحاد الليبي المغربي يتوتر، لكن الجزائر ستتحرك بحذر لتشجيع زواله المبكر. ولا شك أن نظام بن جديد يدرك عدم التوافق الشخصي بين القذافي والحسن ويتوقع أن تؤدي هذه الخلافات إلى تآكل زواج المصلحة".

كما استخدمت الجزائر الاتحاد لعزل ليبيا عن حلفائها المعروفين بمواقفهم المتطرفة، "وفي المناقشات مع إيران وسوريا ولبنان والفصائل المتطرفة في منظمة التحرير الفلسطينية، يستشهد المسؤولون الجزائريون بالاتحاد باعتباره مؤشراً على أن القذافي ليس حليفاً يمكن الاعتماد عليه".

كما دفع الاتحاد الجزائر إلى اتخاذ "موقف أكثر صرامة بشأن مسألة الصحراء الغربية"، ورأت الوكالة أن "لدى الجزائر خيار تزويد مقاتلي البوليساريو بأنظمة أسلحة جديدة أو يمكنها التدخل بشكل انتقائي من خلال توفير الدعم الجوي التكتيكي الجزائري".

كما تشير الوثيقة إلى أن الجزائر سترد أيضا بـ"حشد الدعم الدبلوماسي الدولي بشأن الصحراء الغربية" من خلال "تشجيع الاتصالات بين مقاتلي البوليساريو وسوريا وإيران".

واعترفت إيران بـ"جمهورية" البوليساريو، في 27 فبراير 1980، فيما اعترفت بها سوريا في 15 أبريل 1980، غير أنهما لم يسبق لهما أن أقاما علاقات دبلوماسية مع الجبهة الانفصالية.

زيارة بيريز تنهي الاتحاد

وأكدت الوكالة الأمريكية أن الاتحاد سيمضي قدما "طالما يقدم القذافي الدعم الاقتصادي، ويدعم المغرب في قضية الصحراء الغربية، ويستمر سراً في إعلان الاعتدال في علاقاتهما الثنائية".  كما أن تسليم المغرب المنشقين الليبيين للقذافي من شأنه حسب نفس المصدر أن يطيل عمر الاتحاد.

ورأت الوكالة أن تراجع القذافي عن التزاماته، قد يدفع الحسن الثاني إلى إلغاء الاتحاد، وأضافت أن الزعيم الليبي، "سيحاول إشراك الحسن في موقفه الراديكالي ضد الولايات المتحدة وإسرائيل"

وفيما يتعلق بالآثار المترتبة على الولايات المتحدة جراء الاتحاد تؤكد الوثيقة أنه "يكاد يكون من المؤكد أن الحسن (الثاني) يعلم أن معاهدة الاتحاد من شأنها أن تسبب بعض الفتور في علاقته مع الولايات المتحدة. ولكننا نعتقد أن الحسن صادق في إخبار المسؤولين الأميركيين بأنه يريد الحفاظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وأنه ليس لديه أية أوهام بشأن تغيير سلوك القذافي المنحرف".

ومع ذلك تضيف الوثيقة فإن العاهل المغربي يرى أنه قادر على التحكم في اتجاه الاتحاد، وفي الوقت نفسه، سيراقب "عن كثب المؤشرات التي تشير إلى رغبة واشنطن في إعادة تعريف علاقتها مع المغرب".

وبخصوص خيارات الملك الحسن الثاني في حال قررت واشنطن اتخاذ أي إجراء عقابي ضده، فتتمثل حسب الوكالة في "تقليل أو وقف زيارات السفن البحرية الأمريكية والتدريبات العسكرية الأمريكية"، و"رفض السماح للقوات الأمريكية باستخدام المرافق المغربية بموجب اتفاقية الوصول والعبور بين الولايات المتحدة والمغرب"، و"وقف إذاعة صوت أمريكا في المغرب"، و"تبني موقف أكثر راديكالية بشأن قضايا الشرق الأوسط"، كما يمكن أن يتخذ قرار "التحول إلى ليبيا والاتحاد السوفييتي من أجل الدعم العسكري".

وبعد مرور سنتين على توقيع المعاهدة، وفي يوليوز 1986، أعلن الحسن الثاني بشكل منفرد وضع حد من طرف واحد لهذه المعاهدة، ردا على وصف القذافي لاستقبال الحسن الثاني لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز بـ"الخيانة العظمى".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال